person typing on Apple keyboard

أما آن لمحمد أن يكتب؟

صفحات كثيرة مفتوحة في متصفحي لروابط ومقالات وليس لدي الوقت حتى اللحظة لقراءتها. أجعلها مفتوحة أمام عيني لتذكرني أنني سأفوّت الكثير لو لم أقرأها.

في المقابل هي تعمل ضدّي حيث تمنعني من عمل أي شيء حتى أنتهي منها. فعندما افتح المدوّنة للكتابة أتوقّف لأنه يجب أن انتهي من قراءة هذه المقالات أولًا. وما أن انتهي من قراءتها حتى تصلني قائمة من النشرات البريدية وأدخل في دوّامة جديدة من الروابط والمقالات التي لا أودّ تفويتها. وكل يومٍ على هذا الحال وأتساءل: “متى أتوقف عن الاستهلاك المفرط وأصنع شيئًا ما بنفسي؟”

أعلم أنه إذا أردت أن تكتب يجب أن تكون قارئًا قبل ذلك. وهذا صحيح بدرجة كبيرة وإلا من أين قد تأتيك الأفكار للكتابة؟ قد تكون الملاحظة والتجارب مصدرًا آخر للإلهام ولكن لكي تكتب يجب عليك أن تقرأ.

وهذا ما فعلته وكنت أفعله. أقرأ وأقرأ وأستزيد لعلّي أصل يومًا ما للكفاية وأصبح مؤهلًا للكتابة والنشر. ولكنني لم أتوقف ولا أعلم متى أتوقف. فكلّما قرأت فُتحت لي أبواب جديدة من المعرفة أتبعها بفضول وأزداد يقينًا أنني لست مستعدًا للكتابة بعد حتى أنتهي من قراءة هذه المقالة أو تلك.

إنَّه سراب. أن تعتقد أنك يومًا ما ستصل للكمال حتى تصبح مؤهلًا للكتابة. إنّ التعلم رحلة لا تنقطع حتى الموت. لذا إن كنت مثلي تنتظر حتى تصير مستعدًا للنشر فأنت واهم.

أعلم أنّني تأخرت كثيرًا حتى أبدأ. كان لا بد لي أن أبدأ بالكتابة قبل عشر سنوات على الأقل وأتعلم وأقرأ وأتطوّر تدريجيًا. ففي النهاية عمل الكتابة والقراءة لا يتعارضان ويكمّلنا بعضهما البعض. حاولت سابقًا لمرّات كثيرة ولكنّي توقفت كل مرة لأسباب كثيرة أولّها خوفي من مشاركة أفكاري مع الآخرين والآخر أنّني “من أكون حتى أكتب؟”.

لا أخفيك ندمي حين أفكّر اليوم لأنني لم أبدأ من حينها. لكن من العدل أن أفكّر فيها من منظور شخصيتي وقتها وأتفهّم. المهمّ أنني أيقنت أنّني مستعد اليوم وأنّي أفضل مما كنت عليه قبل عشر سنوات بعشر مرات.

لعّل في الأمر خيرة أن انتظرت حتى اليوم لأظهر بمظهر أفضل مما كنت عليه. تشبّعت من القراءة والاطّلاع والتجارب وحان الوقت لأن أكتب عنها وأشاركها مع الآخرين. وسأستمر إن شاء الله بالكتابة والنشر والقراءة جنبًا إلى جنب.

….

تخلّصتُ من المقالات المفتوحة وقرأتها على عجلٍ. ثم أغلقت جميع النوافذ التي كانت تشغل بالي الأسابيع الماضية وفتحت المدوّنة للكتابة وفكّرت:

– “التصميم لا يعجبني، سأحسّنه قليلًا”.

– خمس ساعات مضت –

-“آه، الآن وصلت لنتيجة مرضية الحمد لله. الآن يمكنني أن أكتب بذهن صاف”.

النسخة الأولى
النسخة الثانية
النسخة الأخيرة

تنبهت لوهلة وأدركت مقدار الوقت الهائل الذي يضيع منّي في التجهيز لفعل ما. أتذكر أنني كنت هكذا خلال الدراسة الجامعية “أُسوّف” ثم أبدا عند آخر لحظة. هذا فضيع!

أيقنت أنّني أُضيّع وقتي هباءًا وسألت نفسي بحزم وعتب:

– “أما آن لمحمد أن يكتب؟”

قلت بلا. وكتبت.

….

*هذه المقالة لم تأخذ مني سوى خمسة وعشرون دقيقة. شاركني بالتعليقات عن تجربتك والصعوبات التي تواجهك. إن كنت قد تجاوزتها اكتب لي كيف نجحت في ذلك؟

اشترك في الموقع

اقرأ واصنع وشارك.

• • • • • •
• • • • • •
• • • • • •

استقبل جميع مقالات المدوّنة على بريدك فور نشرها

انضم مع 385 مشترك

إذا أعجبتك هذه المقالة يسعدني اشتراكك في نشرتي البريدية بكتابة بريدك بالأسفل أو اقرأ الأعداد السابقة. كما يسعدني متابعتك لي على تويتر.


Posted

in

by

Comments

ردان على “أما آن لمحمد أن يكتب؟”

  1. الصورة الرمزية لـ محمد رأفت أحمد

    تدوينة جميلة يا محمد، وتصميم الموقع الجديد رائع ما شاءالله.

    1. الصورة الرمزية لـ محمد
      محمد

      شكرًا محمد، سعيد أن التدوينة والتصميم نالا إعجابك ♥️

اترك ردًا