انضم إليّ في هذه الرحلة التي أشرح فيها بالتفصيل رحلتي في إنشاء موقع شخصي (مدوّنة) وكيف سأنمّيها.
مرحبًا بك!
أعلم ما تفكّر به “إنشاء مدوّنة شخصية في 2022؟”، “لماذا؟”، “ما الفائدة المرجوّة منها؟”، “مجرد مضيعة للوقت في الغالب” وغيرها من الأفكار التي قد تراودك عندما تفكر في جدوى إنشاء مدوّنة شخصية.
أتفهم وجهة نظرك وتخوّفك، لكن أسباب إنشاء مدوّنة شخصية تختلف من شخص لآخر. قد تكون عند البعض فرصة للتعبير بحرّية وممارسة الكتابة ومشاركة الأفكار مع الآخرين (وهذا أمر بحدّ ذاته كاف لبدء مدوّنة). أما البعض فقد يهدف إلى الربح المادّي منها عن طريق التدوين في تخصص ما بحيث يظهر فيه كالخبير. هذا يساعده لاحقًا على تقديم خدمات الاستشارة أو الكتابة أو بيع منتجاته بطريقة رقمية أو عن طريق التسويق بالعمولة لمنتجات أطراف أخرى.
أيًا كان هدفك من بدء مدوّنة شخصية أؤكد لك أنك لم تتأخر. بل على العكس، فنحن في وقت ذهبي زاد فيه الاهتمام بصناعة المحتوى المستقل بعيدًا عن تأثير كبرى شركات التقنية وتلاعبها بالمحتوى. هذا التحوّل الكبير في صناعة المحتوى ساهم في إنشاء ما يطلق عليه اليوم بـ”اقتصاد صُنَّاعِ المحتوى” (Creator Economy). وهو وصف لانتقال تأثير صناع المحتوى من كونهم ناشرين للمحتوى على شبكات لا يملكونها (كالشبكات الاجتماعية التي تربح الكثير بسببهم) إلى منصات يملكون فيها تحكمًا كاملًا على المحتوى ووصولًا أكبر لمتابعيهم وما يصاحب ذلك من تأثير اقتصادي. هذا التأثير قد يكون في قدرتهم على الوصول إلى متابعيهم بشكل مباشر ودائم وتوفير محتوىً قيّم لهم والربح منه أو بسببه.
تجارِب أولى
أول محاولة لي للنشر الشخصي (بعيدًا عن المنتديات) كانت في 2009 عندما ابتعثت لإكمال دراستي الجامعية. أنشأت مدوّنة شخصية حينها رغبة في أن أشارك يوميّاتي ورحلاتي هناك. لم أداوم وقتها على النشر وتوقفت مبكرًا ولا أذكر ما كان السبب حينها. الأكيد أنني ربما أحبطت أو لم أكن بالجرأة الكافية لأنشر ما أكتب مع الآخرين وتخوّفي من ردّة فعلهم.
انتقلت بعدها لأتغلب على هذا الأمر للنشر من وراء اسم مستعار، اخترت اسمًا ولكن لم ألبث أن رغبت في تغييره حيث لم يعد يعجبني. ولكوني كنت متخوّفا من الكتابة باسمي الحقيقي، قرّرت ركوب موجة موضة النشر حينها وأطلقت مدوّنتين تقنيّتين ونشرت فيها عن ما يتعلّق بالتقنية.
أوقفت الأولى لأنها كانت تتكلم عن التقنية عمومًا دون تخصص دقيق مما جعلني أتيقن أنني لن استطيع الاستمرار فيها بسبب قلة متابعتي لكل مواضيع التقنية وعدم وجود فريق تحرير ضخم يساعدني. لذا قرّرت إطلاق المدوّنة الثانية التي جعلتها متخصصة في شركة أبل وأخبارها.
حسنًا، مواضيع شركة أبل ومنتجاتها يمكن متابعتها بشكل معقول والكتابة حولها، صحيح؟ كنت أنشر في المدوّنة باستمرار وبدأت معها حسابًا على انستقرام حصد ما يقارب 40 ألف متابع. رائع، لقد بدأ المعلنين بالظهور ونشرت عدّة منشورات مدفوعة! ما القادم؟ أكيد الملايين!
أو هكذا كنت أظن.
كان يمكن للموضوع أن يستمر لولا تصرّفات شركة أبل و”استخفافها” بالعملاء و”حلبها” لهم بسذاجة مع كل إطلاق جديد لمنتجاتها المكررّة. لم أقدر على تحمّل استخفافها أكثر فكرهتها وتوقّفت عن دعمها كليًا. وكنتيجة أوقفت المدوّنة وحساب انستقرام. (مع أنّني أكتب لكم من أحد أجهزتها التي لم أحدّث نظامها منذ أكثر من سنتين حتى لا تبطئ جهازي وتحلبني).
كان هذا في 2016 تقريبًا؟ منذ ذلك الحين تغيّرت كثيرًا. وكما هو واضح لك فأنني أكتب لك بهوّيتي الحقيقية ومتحمّس لما يمكن أن أشاركه معك. هل ندمت على كل الجهد الضائع؟ أبدًا. فأنا ممتن لكل تلك التجارِب لأنها كانت رحلة تعلّم والطريق الذي أوصلني لما أنا عليه اليوم.
لماذا بدأت هذه المدوّنة؟
لطالما كان فعل الكتابة أمر يستهويني منذ صغري. ففعل الكتابة ومشاركة الأفكار هو سبب قائم بذاته يستحق أن أبدأ من أجله هذه المدوّنة، ولكنّه ليس السبب الوحيد.
كان أحد أكبر الأسباب التي تعيقني عن الاستمرار في مدوّناتي هو التخصص. حيث كنت أرى أي عمل أبدأه كمشروع تجاري. تخصص محدد بهوية تجارية وحسابات اجتماعية متخصصة وما يتبع كل ذلك من محتوى وإدارة. لم أملك الوقت ولا الطاقة لكل هذا. بين أن أهتم بما أنشر على حسابي الشخصي أو أن أنشر على حسابات هذه المشاريع ومحاولاتي اليائسة لتنميتها جميعًا في ذات الوقت. تأخرت في استيعاب هذا الدرس، لكني فهمته أخيرًا.
الحل؟ مدوّنة شخصية مع لمسة مما يثير اهتمامي من مواضيع. وفي ما يلي أشارك إيجابيات هذا القرار كتبتها قبل أن أقرر إنشاء المدوّنة بتصرّف:
- تخدم أهدافي في محاولة صنع هويّة شخصيّة (Personal Brand) في المجالات التي سأكتب حولها.
- إضفاء لمسة شخصية على ما أكتب يزيد من تقبّل القارئ لما أنشر ويزيد من ثقته تجاهي.
- أستطيع المزج بين كون المدوّنة شخصيّة (أستطيع الكتابة ومشاركة أفكاري بحريّة وأتطرّق لما أهتم به فيها) ومتخصّصة بعض الشيء (نشر مقالات متخصصة في المجالات التي أهتم بها).
- تزيد من تركيزي وتوجيه طاقتي لحساب واحد وموقع واحد.
- استثمار ما أكتب تحت هويّتي الشخصية يزيد من قيمتها ويقلل من فرص إيقاف المدوّنة وحذف محتوياتها (كما الحال في مدوّناتي السابقة المتخصصة).
- أستطيع بهويّتي الشخصية بَدْء أي مشروع جانبي هادف للربح تحت اسمي دون الحاجة لصنع هويّة خاصة (تقديم الخدمات أو إنشاء المنتجات الرقمية).
- جعل ما أعمل ممتع مرة أخرى.
- أستطيع تغيير اهتماماتي الحالية والنشر عن اهتمامات مختلفة في أي وقت.
كانت كل هذه الأسباب كفيلة بإقناعي أن هذا هو ما أريده حقًا. وبما أحمل من خبرات وما تعلّمته خلال رحلتي أرى أنني الآن مستعد لبناء شيء مستدام. وأدخل في هذه التجربة وأنا أضع الرحلة والاستمتاع بها بوصلتي دون أن أضع خط نهاية لهذا المشروع أو هدف مادي أسعى لتحقيقه في وقت معيّن.
أريد لهذا المشروع أن يستمر.
لهذا السبب قررت مشاركة هذه التجربة بالتفصيل معك خلال هذه السلسلة التي آخذك فيها من أحداث ما قبل إنشاء المدوّنة وأثناء تشغيلها وما سأمر به من تحديّات وتجارب. حيث سأتعلم وتتعلم في حال كنت للتو قد بدأت بإنشاء مدوّنتك أو تفكر ببدء واحدة معي. ثم أن مشاركة ما أعمل عليه في هذه السلسلة سيشجعني على الاستمرارية ويزيد من التزامي نحوها.
في التحديث القادم تساؤلات مهمّة أجيب عنها تتعلق بهيكلة المدوّنة وما سأنشر فيها وطريقته.
إذا أعجبتك هذه المقالة يسعدني اشتراكك في نشرتي البريدية بكتابة بريدك بالأسفل أو اقرأ الأعداد السابقة.
كما يسعدني متابعتك لي على تويتر.
اترك ردًا